samedi 18 avril 2015

ثقافة الأزمة


تشهد الصحافة المكتوبة حالة من المخاض وهزات عنيفة بحكم ما طرأ على مشهد الميديا من تحولات وتغييرات وليدة تيار جارف  من اعادة التشكل  في النظام  السياسي والاقتصادي العالمي جعل من المكتوب في الصحافة الورقية في مهب هذه النقلة النوعية الثقافية والسياسية وأدى الى اقصاء العديد من الصحف سريعة التأثير من مشهد الميديا مما دفع بالبعض ممن يهمهم الشأن الاعلامي الى النأي  من تفسير الواقع الى تأويله على أن ما يحدث في الصحافة الورقية ناتج عن أزمة.
 ومن هذا المنطلق برز انزياح في قراءة واستقراء حقيقة الواقع يعلله البحث في تفاصيل الأزمة ومسبباتها وكيفية الخروج منها . نتيجة سيطرة ثقافة الأزمة وهيمنتها فكل تحول يؤول بالأزمة لأن قوة الجذب الى الثابت أشد وقعا وتأثيرا من سرعة التأقلم مع ما هو متحول ولأن الأمر متعلق بالمواقع فبين الثبات في الموقع والانسحاب من المشهد صراع وجودي من أجل البقاء. لكن التحرر من ثقافة الأزمة والخروج من بوتقة الفهم الضيق يقود بالضرورة الى تأويل أن ما يطرأ من تحولات في الصحافة المكتوبة على أنه نتيجة طبيعية لحراك ثقافي وفكري وسياسي واقتصادي قد يؤدي اذا ما سلك مسارا صحيحا وثابتا الى التخلص من براثن السييء من المعتاد في المشهد الاعلامي بصفة عامة وبداية التأسيس لمشروع يقوم على التمثل الحي للواقع لإعادة تشكيل ملامح الصحافة المكتوبة بعيدا عن منطق الأزمة والتشبث بالثابت نتيجة الخوف من التحول الى المجهول. خوفا مرده القراءات المستعجلة والمبنية على ثنائية الربح والخسارة فغياب صحيفة أو صحف عن المشهد الاعلامي يجب أن يفهم على أنه تغير ضمن سياق طبيعي من الحراك الجدلي في منظومة تجمع السياسي بالاقتصادي والثقافي والاجتماعي والحضاري في عملية سجالية مستمرة يعاد فيها تشكيل الصور في كل مرة لا بحثا عن الصورة المثلي بل بحثا عن الصورة الأمثل والأرقى.

ولما كانت الحاجة أكيدة في الوقت الراهن  للتطرق الى موضوع الصحافة المكتوبة بحكم حالة   التأرجح التى تشهدها بين التأزم والتحول ولفك شفرة هذا اللبس  فان معهد الصحافة وعلوم الأخبار بتونس بالتعاون مع مؤسسة كونراد أديناور  ارتأى أن ينظم أيام 20 و21 و22  أفريل 2015  ملتقى دوليا بعنوان الصحافة المكتوبة أزمة أم تحولات ؟ في شكل جلسات علمية ستتطرق الى السياق الجديد للصحافة المكتوبة والمقاربات في التحولات المهنية المتعلقة بها اضافة الى الاتجاهات الكبرى  للصحافة الورقية والتحولات الطارئة عليها والميديا الجديدة ويختتم الملتقى بجلسة علمية رابعة يضع رهان الصحافة الجيدة ومستقبل الصحافة المكتوبة موضع بحث وسيؤثث هذا الملتقى ثلة من الباحثين والمهنيين من تونس و الوطن العربي و افريقيا و اوروبا مما يمكن من الاطلاع على تجارب الثقافات الأخرى في كيفية التعاطي مع المتغيرات التي شهدتها الصحافة المكتوبة على أن تكون خاتمة الملتقى تكريما  لثلة من قدماء أساتذة معهد الصحافة وعلوم الأخبار.هذا الملتقى قد يكون نبراسا يكشف الكثير من الغموض ويخفف من وطأة الهواجس التي خيمت على من شغفوا بالمكتوب من الصحافة الورقية. فانه أيضا قد يكون مدخلا لإرساء قواعد لتغييرات بنيوية وهيكلية تساعد على اصلاح جوهري لما يمكن أن يفهم أنه مسبب لأزمة في الصحافة المكتوبة .  

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire