jeudi 16 avril 2015

الصحافة المكتوبة ومدى تفاعلها مع فئة الشباب


هالة بن على 


يتواصل الجدل حول مستقبل الصحافة الورقية في ظل تنامي الصحافة الالكترونية وتطور وسائل الاتصال الحديثة في مواكبتها الحينية للأخبار. تعددت الآراء حول هذا المستقبل بين المتفائل والمتشائم لكنها أجمعت على أن الأزمة الحقيقية التي تعيشها الصحف الورقية في مختلف أنحاء المعمورة تتمثل أساسا في تراجع المبيعات والإعلانات الذي أثر على مداخيلها وديمومتها.
وذهب البعض منها إلى التنبؤ بتاريخ اختفاء الصحافة الورقية خاصة بعد أن تبين أن أغلب الحلول التي توختها الصحف باءت بالفشل. فمثلا توقع فرانسيس جوري رئيس وكالة أنباء الأمم المتحدة ورئيس المنظمة العالمية للملكية الفكرية اختفاء الصحافة الورقية بداية من عام 2017 . وأرجع جوري أسباب الاندثار ليس لسوء الصحافة الورقية أو جودتها وإنما لضعف إيراداتها نظرا للتطور السريع الذي تشهده الصحافة الالكترونية. وتحدث عن وجود تقرير يؤكد اختفاء الصحافة الورقية بمختلف اختصاصاتها في الولايات المتحدة الأمريكية بحلول عام 2017، واختفائها في باقي دول العالم في عام 2040 على أقصى تقدير.
كما توقع الباحث الاسترالي روس داوسون اختفاء الصحافة الورقية من العالم بداية من سنة 2017 وذلك في الولايات المتحدة الأمريكية ثم ستبدأ بالاختفاء تدريجيا من بريطانيا و أيسلندا بحلول 2019 و بحلول 2020 من كندا و النرويج، ولن تصمد لأكثر من 2022 في أستراليا
واعتبر أن الصحف الورقية ستستمر في فرنسا حتى سنة 2029 فقط بسبب الدعم الحكومي. و ستبدأ بالاختفاء من ألمانيا بحلول 2030، وفق ما وصفه الباحث بـ”الخط الزمني لانقراض الصحف” المنشور على مدونته.
أما في الدول العربية فقد توقع داوسن أن تكون المملكة العربية السعودية أول دولة عربية تنقرض فيها الصحافة الورقية وذلك بحول سنة 2034.
وأشارت توقعات داوسون إلى أن الصحف الورقية ستغدو غير مهمة في 52 دولة بحلول 2040، إلا أنها ستبقى منتشرة في العديد من الدول النامية في إفريقيا و أجزاء من آسيا و أمريكا الجنوبية وأن الانقراض سيقتصر على الدول المتقدمة ويعود ذلك للوسائط المتعددة التي توفرها التكنولوجيا الحديثة للصحافة الالكترونية التي لا تتوفر في الصحافة الورقية إضافة إلى ضعف موارد هذه الأخيرة مؤكدا أن مشاكل الصحافة الورقية ستتعمق إلى حد الانقراض وذلك بمجرد تسويق أجهزة متقدمة أسهل في الحمل والاستخدام من الحاسوب اللوحي (آي باد).
أسباب أخرى وقعت الإشارة إليها في عديد الدراسات تقف وراء إمكانية الاندثار ترتبط جميعها بضعف الإيرادات ولكن ليست تلك المتأتية من المبيعات. فقد اعتبر رئيس تحرير مجلة
 الفرنسية [1]أن النظام المالي للصحف المكتوبة تأثر كثيرا بعد توجه أغلب المعلنين إلى Expansion  
المواقع الالكترونية. واعتبر أن العزوف عن الإعلان في الصحف الورقية هو السبب الرئيسي في الأزمة التي تعيشها الصحافة المكتوبة وليس ضعف مداخيل المبيعات معللا رأيه بأن الأزمة لحقت أيضا الصحف المجانية نظرا لتدني نسبة الإعلانات رغم أنها توزع بصفة كبيرة وتعد من أكثر الصحف الورقية قراءة خاصة في المدن الفرنسية الكبرى[2].
ونتيجة لهذه المشاكل أصبحت جميع الصحف الورقية تعيش في حلقة مفرغة يصعب الخروج منها وتجاوزها وهي تقلص عدد المعلنين أدى إلى تقلص الإعلانات وبالتالي تدني نسبة المداخيل إضافة إلى تقلص عدد المبيعات مما أدى إلى تراجع الموارد المادية وإمكانيات المؤسسة مما انعكس سلبا على نوعية المنتوج. ويعني ذلك أن الصحيفة الورقية تعيش في حلقة تراجع عدد القراء وتراجع عدد المعلنين وعدد الإعلانات وتراجع الإمكانيات وبالتالي تراجع نوعية المضامين.

هذه الورقة ستحاول رصد وتقييم بعض الحلول التي التجأت إليها بعض الصحف ومدى نجاعتها في تجاوز الأزمة. ومن ثم محاولة اقتراح بعض الحلول الممكنة في علاقتها بالمضامين أساسا وذلك انطلاقا من دراسة تحليلية لأسباب الأزمة سواءً الذاتية منها أي المتعلقة بالصحيفة نفسها أو المرتطبة منها بعوامل خارجية.
اختيارنا لهذه الزاوية حدد نتيجة ملاحظة مباشرة قمنا بها في مكتبة معهد الصحافة وعلوم الإخبار قبل الانتخابات التشريعية وبعدها. فتنين لنا أن الطلبة أقبلوا بصفة مكثفة، وعلى غير عادتهم، على المكتبة للإطلاع على الصحف الورقية (المحلية والأجنبية) الأسبوع الذي تلا الانتخابات.

هذا جعلنا ننظر إلى مسألة أزمة الصحافة المكتوبة من زاوية مختلفة ونطرح مجموعة من التساؤلات سعيا لتحليل هذه الظواهر:
- ما الذي يفسر هذا الإقبال على قراءة الصحف الورقية خلال فترة تعتبر ثرية بالأحداث ؟
- لماذا يسعى الشباب أو على الأقل فئة منه لاستقاء المعلومات عبر الصحف الورقية رغم أن أغلب الدراسات تفيد أنه من أقل الفئات استهلاكا للصحف الورقية ؟
- ولماذا على غير عادته لم يكتف باستقاء المعلومة عبر الصحف أو المواقع الالكترونية ؟  فهل يعني هذا أن الصحافة المكتوبة تبقى وسيلة الإعلام الوحيدة القادرة على تقديم مضامين معمقة ؟ لأنه عندما يتحول جزء هام من القراء إلى الصحيفة الورقية خلال فترات مهمة وثرية بالأحداث فهذا قد يجعلنا نستخلص أن الحديث عن اندثار سابق لأوانه أو على الأقل مبالغ فيه في الوقت الراهن.

من خلال هذه الملاحظات وهذه التساؤلات سنحاول في هذه الدراسة تفسير تقدم سن قراء الصحافة الورقية ولكن من زاوية ذاتية  أي ماذا فعلت الصحافة لتستقطب جمهور قراء جديد أو ممكن من الشباب دون أن تفقد جمهورها الوفي وتشوش عليه عاداته في تصفح الجريدة ؟ ولماذا تتواصل أزمتها رغم كل محاولاتها ؟
وبالتالي ماذا يمكن أن تفعل حتى تنجح في إثارة انتباه الشباب وشدهم إلى مضامينها التي يجب أن تختلف عن مضامين بقية وسائل الإعلام عموما والحديثة خصوصا ؟

اختيارنا لتناول هذه الزاوية بالدرس لم يكن اعتباطيا بل يعود إلى إيماننا بضرورة إرساء ثقافة تفاعل بين الصحيفة والجمهور خاصة منه فئة الشباب. كما نعتبر أنه من المفيد لأية وسيلة إعلام وخاصة منها التي تعاني أزمة أن تكون على معرفة واسعة بطبيعة جمهورها وطريقة تلقيه أو استهلاكه وعادات قراءاته وانتظاراته مما يقوٌي فرص نجاحها وديمومتها.
 كما نرى أن كسب جمهور جديد من الشباب يعتبر عاملا من العوامل التي تساعد على استمرارية وسيلة الإعلام لأن التعويل على جمهور شاب من شأنه أن يساعد الصحيفة على كسب جمهور على المدى القريب والبعيد في الوقت نفسه.


1Bernard Poulet
2  Dideron (Diane), Presse écrite : survivre sans la pub, Wordpress, mai 2014

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire