jeudi 16 avril 2015

الصحافة: أزمة، فوضى، نهاية أو نشأة مستأنفة


 نصر الدين لعياضي

نميل إلى الاعتقاد أن الكتابات التي تناولت مستقبل الصحافة في ظل التطور التكنولوجي السريع، وانتهت إلى الحكم عليها بالانقراض، انطلقت من نظرة تعميمية لوضع الصحافة في مختلف الدول. فما تعيشه الصحافة الورقية من تراجع في أمريكا الشمالية وأوروبا لا يشمل كل دول العالم. فالصحافة في الدول الأسيوية وفي الكثير من الدول العربية تعيش وضعا مختلفا. وإن كانت الصحف ذات الطابع العام هي التي تدفع ثمن التغيير في دول أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، فإن الصحف ذات التخصص الدقيق تعيش وضعا مغايرا. والحكم على أن الصحافة تعيش حالة من الفوضى بعد استعراض مجموعة من التجارب في توظيف الميديا الجديدة يكشف عن  تمثّل Representation للواقع الذي ينتج الصحافة والتسليم بأنه يتسم بالثبات والاستقرار، ولا يكف عن إنتاج النموذج الواحد والقديم من الصحافة. ويتعامل مع الصحافة كظاهرة تكنولوجية بدرجة أساسية، بينما الصحافة هي بناء اجتماعي.
ونعتقد أنه لا يمكن أن نفهم التحولات التي تعيشها الصحافة ضمن رؤية ثابتة وقارة للواقع الذي انتجها. والتعامل معها كأنها معطى منتهي البناء ومنجز، وليست ظاهرة اجتماعية وثقافية وسياسية في حالة تغيير دائم.
إن توظيف منطق النهايات  للحديث عن مستقبل وسائل الإعلام يقولب التفكير، شأنه شأن الحتميات سواء كانت بيولوجية أو اجتماعية أو تقنية، ويدفع إلى رفض التغيرات غير المنتظرة  في مجال معين أو غير المتطابقة مع التمثل المذكور، وتوظيف مفهوم الفوضى يضبب الرؤية لمستقبل الصحافة من جهة أخرى.
إن مداخلتنا تندرج ضمن الجهود الرامية إلى فهم التحولات التي تعيشها الصحافة  في إطار المنظور الصحفي journalistic Paradigm   الذي يؤكد أن  العلم ليس لحُمة من المعارف، لكنه طريقة من الملاحظة والتأويل[i].  وقد يساعدنا هذا المنظور في إبراز حقيقتين:
1- إن مسيرة الصحافة على مدار القرون الأربعة السالفة تبين أنها خضعت للتغيير"العادي"، على حد تعبير شارو[ii]؛ هذا رغم الاختلاف  في توصيفه أو تشخيصه. والسؤال المطروح يتمثل في التغيير "غير العادي" الذي طرأ على الصحافة في مطلع الألفية الحالية وأدى إلى تأبينها.
2- إن رصد التحولات الجوهرية التي تعيشها الصحافة على مختلف المستويات: التكنولوجية، والاقتصادية، والتنظيمية، والإعلامية ضمن journalistic Paradigm ترافع لصالح الانتقال من نموذج صحافة الرأي، إلى صحافة الأخبار، إلى صحافة " صحافة الاتصال"[iii]
وصحافة الاتصال تطرح السؤال عن الشرعية المهنية للصحافة التي اكتسبتها عبر قرون من الوجود. الكل يعلم أن الصحافة لم تؤسس شرعيتها التاريخية على الإعلام والتثقيف فقط، بل على قيم ومُثل كبرى، كالموضوعية، وإستجلاء الحقيقة. وقد استخدمت في ذلك جملة من التدابير الاجرائية والاجتماعية والسياسية، مثل: الفصل بين الحدث والرأي، وتعددية المصادر الإعلامية، وترسيخ التعددية الإعلامية وحمايتها سياسيا وقانونيا، وقوالب التعبير الصحفي التي تعد عقود قراءة Reading Contracts ، والفصل بين خطاب المؤسسة وقرائها.



[i] - CHARRON, Jean et Jean DE BONVILLE: « Le paradigme du journalisme de communication : essai de définition ». Communication, vol. 17, No 2. 1996 P. 71
[ii] - Charron Jean: Les mutations paragmatiques du journqlisme; Retrieved, May 10, 2009 from http recherche.telecom-bretagne.eu/.../expose-sur-les-mutations-paradigmatiques.pdf
[iii] - Chaussée frédérik: Les changements des pratiques journalistiques au Quebec à travers l'etudes des titres et amorces: la presse ( 1945-1995), mémoires de maitre és art –M A- département d information et de communication; faculté des lettres; 2007  

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire