عزه عبد العزيز عبد
اللاه
لم تكتفي الوسائل الإعلامية الجديدة بالسماح لكل من المرسل والمستقبل
بتبادل أدوار العملية الاتصالية ، ولكنها أحدثت ثورة نوعية في المحتوى الاتصالي
المتنوع ، من نصوص إلى صور ، وملفات صوتية ، ولقطات فيديو مصورة ، وانتشرت خلال الأعوام القليلة الماضية المواقع التي تتيح للمستخدمين
تحميل ملفات فيديو شخصية أو عامة بضوابط معينة ليراهاالجميع في أنحاء المعمورة ،
حيث تحول المستخدم إلى منتج إعلامي بفضل التقنيات الاتصالية الجديدة مثل كاميرات
الهاتف النقال وغيرها، ينتج ويبث ما يريد على الإنترنت .
ويعد البحث عن الأخبار ذات القيمة الصحفية هو القاسم المشترك بين صحافة المواطن و
الصحافة التقليدية وكذلك, فإن ذات العامل هو ما يفرق بين كلا النوعين , ويعد مفهوم صحافة المواطن مفهوما جديدا نسبياً في الشرق الأوسط برغم
شهرته في دول أخرى حول العالم. وبرغم بعض الانتقادات الموجهة لصحافة المواطن فيما
يتعلق بمدى دقة الأخبار المطروحة من خلاله, قامت العديد من المنظمات و الهيئات
الإعلامية باستقطاب هذا النوع المغاير من الصحافة أملا في جذب عدداً أكبر من
الجماهير لمواقعهم الإخبارية الإلكترونية ، فقد
أنهت صحافة المواطنين احتكار الصحافة التقليدية للأخبار والسبق الصحفي وأصبح
المواطن العادي يسبق الصحفي التقليدي في نقل الأحداث ، وتسعى
الدراسة الحالية إلى تحليل وتفسير ظاهرة صحافة المواطن من خلال محورين الأول:
الوقوف على مهنية واحترافية الصحفي المواطن من خلال دراسة ميدانية على عينة من
الصحفيين المواطنين عبر الشبكات الاجتماعية المختلفة. الثاني تقييم ظاهرة الصحفي
المواطن من منظور الصحفيالتقليدى في المؤسسات الصحفية العربية.
الإطار
النظري
تم الاعتماد على نظرية المشاركة الديمقراطية (Democratic Participant حيث تعد هذه النظرية أحدث إضافة لنظريات
الإعلام وأصعبها تحديدا، فقد برزت هذه النظرية من واقع الخبرة العملية كاتجاه
إيجابي نحو ضرورة وجود أشكال جديدة في تنظيم وسائل الإعلام، و قامت النظرية كرد
فعل مضاد للطابع التجاري والاحتكاري لوسائل الإعلام المملوكة ملكية خاصة، وتركز
النظرية على اختيار وتقديم المعلومات المناسبة وحق المواطن في استخدام وسائل
الاتصال من أجل التفاعل والمشاركة على نطاق صغير في منطقته ومجتمعه، وترفض هذه
النظرية المركزية أو سيطرة الحكومة على وسائل الإعلام ولكنها تشجع التعددية
والمحلية والتفاعل بين المرسل والمستقبل والاتصال الأفقي ؛ ووسائل الإعلام التي
تقوم في ظل هذه النظرية تهتم أكثر بالحياة الاجتماعية وتخضع للسيطرة المباشرة من
جمهورها، وتقدم فرصا للمشاركة على أسس يحددها الجمهور بدلا من المسيطرين عليها.
وبالتالي يمكن توظيف تلك النظرية باعتبار أن للمواطن حق في استخدام وسائل الإعلام
واستخدام القنوات الخاصة والتعبير عن نفسه كجهة إعلامية مستقلة وغير خاضعة للسيطرة
الحكومية.
أهمية الدراسة :
تضيف هذه الدراسة لدراسات الإعلام الجديد بعدا جديدا حيث لا تكتفي
برصد وتحليل وتفسير ظاهرة الصحفي المواطن الذي يتفاعل مع التقنية الاتصالية بلا
مهنية فقط ولكنها تقيم تلك الظاهرة التفاعلية الجديدة من منظور المواطن الصحفي (
الصحفي التقليدي)الذي ينتمي لمؤسسة إعلامية ويتسم بالمهنية والاحترافية .
أهداف الدراسة :
تسعى الدراسة إلى تحقيق هدفين رئيسيين يتفرع منهما عدة أهداف فرعية :
الهدف الأول : رصد
وتحليل وتفسير مهنية واحترافية الصحفي المواطن
.
الهدف الثاني: تقييم
ظاهرة الصحفي المواطن من منظور الصحفي التقليدى.
تساؤلات الدراسة :
تسعى الدراسة إلى الإجابة على العديد من التساؤلات والتي يمكن
اختصارها في تساؤلين رئيسيين هما:
1-
ما مدى مهنية واحترافية الصحفي المواطن ؟
2-
ما تقييم ظاهرة الصحفي المواطن من منظور الصحفيالتقليدي؟
الإطارالمنهجي والاجرائى للدراسة :
تنتمي
هذه الدراسة إلى نوعية الدراسات الوصفية وتعتمد على منهج المسح الاجتماعي على عينة من
الصحفي المواطن وعينة من المواطن الصحفي الذي ينتمي لمؤسسة صحفية مصرية . وتم
الاستعانة بأداة الاستبيان الالكتروني للتطبيق على عينة الصحفي المواطن والاستبيان
العادي للتطبيق على عينة المواطن الصحفي.
مجتمع الدراسة والعينة:
يتمثل مجتمع الدراسة من:
1)
المنتجين العرب للمواد الصحفية على مواقع الشبكات الاجتماعية
والمدونات.
2)
الصحفيين العرب العاملين في مؤسسات صحفية عربية تم التواصل معهم عن
طريق إيميلاتهم.
نوع العينة وحجمها:
تم سحب عينة عشوائية للصحفي المواطن من خلال إجراء الباحثة عملية مسح
عشوائي للمنتجين العرب الأفراد على مواقع الشبكات الاجتماعية على الانترنت. وقد تم
حصر عدد كبير منهم وتم مراسلتهم برابط الاستبيان الالكتروني من خلال موقع استبيان
الالكتروني www.estebian.net
عن طريق الرسائل الخاصة باليوتيوب ، أو عن طريق حساباتهم بتويتر أو عن
طريق حساباتهم بالفيس بوك . ولم تستجب منهم سوى92 فرد حيث أنه كان للعينة شروط أن
يكون المنتج عربي، وأن لا تقل عدد المقاطع المنشورة لديه عن 5 مقاطع من إنتاجه
الخاص، وأن يكون عدد مشاهدات تلك المقاطع كبير نسبيا بما لا يقل عن 1000مشاهدة، أو
له إنتاج صحفي متكرر عبر الشبكات الاجتماعية والمدونات لا يقل عن (10) مواد.
أما بالنسبة للصحفي التقليدي
فقد راسلت الباحثة الصحفيين العاملين في مؤسسات الحياة الدولية والشرق الأوسط حيث
أن بها نخبة من الإعلاميين العرب من جنسيات متعددة بالإضافة إلى جريدة المصري
اليوم بمصر لاهتمامها الكبير بالصحفي المواطن حيث لاحظت الباحثة تنفيذها لورش عمل
لتدريب الصحفي المواطن، بالإضافة إلى جريدة الرياض السعودية وقد اشترطت الباحثة على
من يجيب الاستبيان أن يكون من مرتادي الشبكات الاجتماعية ولديه حساب بها ومتابع
لظاهرة صحافة المواطن بالإضافة إلى امتلاكه قدرات تكنولوجية عالية ولم يستجب منهم
سوى 64 صحفى عربى.
أهم النتائج:
1-
تركزت المهنية والاحترافية عند الصحفي المواطن من واقع رؤية الصحفي
التقليدى في التقنيات الخاصة بالصورة ومقاطع الفيديو أكثر من مهنيته واحترافيته في
الكتابة الصحفية .
2-
أن النسبة الكبيرة من الحرية التي تتمتع بها صحافة المواطن كانت السبب
الرئيسي لانتشار وفاعلية تلك الظاهرة.
3-
أوضحت الدراسة ضرورة تطوير أدوات المواطن الصحفي التقنية ليظل في حلبة
المنافسة مع الصحفي المواطن.
4-
أوضحت الدراسة أن الصحفي المواطن من عينة الدراسة لديه بعض الخبرات
التي تؤهله للعمل كصحفي من خلال الإنترنت ، ومن أهم مصادر خبرتهم: العمل الصحفي
كمراسل ، التعليم الإعلامي، والحصول على دورات متخصصة في الإعلام والتصوير
والمونتاج والتي حصلوا عليها من خلال مراكز التدريب الإعلامي الخاصة
بالمؤسسات الإعلامية.وتعكس هذه النتيجة مستوى تأهيل الصحفي المواطن الذي أحدث ثورة
في مفهوم جمع المعلومات والأخبار وأفقد الصحفي المحترف والهيمنة التي كان يشكلها
له مفهوم حارس البوابة، بل ويقع تحت تهديد التكنولوجيا والجمهور. (40) فتلك
الخصائص تؤكد أن الصحفي المواطن مؤهل ثقافيا وتكنولوجيا وإعلاميا وبالتالي تتفق
هذه النتيجة مع الدراسة التي قامت بها مؤسسة EW عن
مشروعها لدراسة التمييز في الصحافة حيث أكدت على أن وسائل الإعلام الاجتماعي تزاحم
الصحافة التقليدية لتصبح مصادر إخبارية مهنية للمتلقي
5-
*كشفت الدراسة عن العديد من أشكال التفاعل بين الصحفي المواطن والجمهور كان من أهمها التعليق على أعمال
الصحفي المواطن ، زيادة عدد مرات المشاهدة، إعادة نشر الإنتاج الخاص بالصحفي
المواطن من قبل الجمهور في المنتديات والشبكات الاجتماعية والمجموعات البريدية.
كما جاء أقلها أهمية رفض وجهة نظر الصحفي المواطن ومحاولة الجمهور فرض وجهة نظره،
وهذا يؤكد ما أشار إليه جيلمور في المنتدى الثاني عشر العالمي للمحررين الذي عقد
بسيول في كوريا من أن صحافة المواطن أفضل من الصحافة التقليدية لإتاحتها الفرصة
للجمهور أن يشارك ويتفاعل، بدل أن يظل صامتا ويتلقى المعلومات من طرف واحد.
فالتفاعل الذي أحدثته صحافة المواطن بين الصحفي والمواطنين حول الأحداث والقضايا
مما يشكل القيمة الحقيقية للأخبار.
6- ومما يعطي مكانة تكنولوجية لصحافة المواطن ما يمتلكه الصحفي المواطن
من برامج وأدوات ووسائط ويستخدمها في إنتاجه الإعلامي. فقد كشفت الدراسة عن عدد
كبير من تلك الأدوات جاء من أهمها كاميرا الجوال، الكاميرا الاحترافية الرقمية،
برامج windows
movie maker
7-
Adobe ofter effect – ulead video studio
*كشفت الدراسة عن العديد
من الأحداث التي شارك فيها الصحفي المواطن بخبر أو رأي أو مقطع فيديو ، جاء على
رأسها الثورات العربية وخصوصا الثورة المصرية التي حازت على اهتمام كبير من الصحفي
المواطن المصري والعربي وقد تركزت المقاطع على موقعه الجمل وضرب الشرطة المصرية
للمتظاهرين، ثم سيول جدة ، الضربات والهجمات الإسرائيلية الجوية على غزة.
8-
غلبت ايجابية صحافة المواطن على سلبيتها من واقع رؤية الصحفي التقليدي الذي عبر عن
ايجابيتها في أنها فضاء للتعبير الحر عن الرأي , تقديمها للمحتوى اتصالي متنوع
(نصوص , صور , ملفات صوتية , لقطات فيديو )
ثم تحول الموطن إلى مراسل قادر على
تمييز المعلومة التي تنشر , وحضور المواطن في قضايا الشأن العام , ولكونها صورة
معبرة لتواجد المواطن مكان الحدث عن طريق الصدفة , وهذه الايجابيات تؤكد ما أشارت
إليه العديد من الأدبيات التي ترى أن صحافة المواطن قلصت الحدود بين المرسل
والمستقبل ونشأت مفاهيم تشير إلى أن المواطن الكوف بات من حقه استقبال ما يشاء من
اخبرا ومعلومات , بل بدأ يدخل في لعبة الإرسال وبث ما يراه من موضوعات وآراء حول
الاحداث المحلية والعالمية, وقد أشار جون هاركلى إلى أن صحافة المواطن أوجدت مفهوم
جديد للمجتمع العالمي حيث أصبح كل مواطن يمتلك حق الحصول على المعلومات كما يمتلك
نتيجة لتوفر تقنيات الاتصال القدرة على توزيعها ونشرهاوبالتالي
أصبح المواطن الصحفي يمتلك الدور الاستطلاعي الرصدى
9-
على الجانب الأخر جاءت سلبيات صحافة المواطن من وجهة نظر الصحفي
التقليدي لتتركز في مستوى مهنية , فقد أعطي أولوية لعدم الدقة , عدم وجود الحس
الصحفي , المحتوي منتج من أشخاص غير متدربين , الاهتمام بالموضوعات المثيرة .